كيف تتحدث للجمهور بسهوله و يسر
في هذا الكتاب، يشرح كريس أندرسون، مؤسسُ تيد، كيف تصبح مُقدّمًا أفضل، عن طريقِ مشاركتِهِ معنا خمسَ تقنيّاتٍ لإجراء عرضٍ تقديمي ناجح: الاتصالِ والسردِ والشرحِ والإقناعِ و الإلهام.
كما يشرحُ القضايا المتعلقةَ بالملابسِ والمؤثراتِ البصريةِ، وكيفيةِ التعاملِ مع قلقِ التحدُّثِ على المسرح.
لا تتصنع .. كُنْ نفسك!
يُفضلُ الكثيرون أن يفعلوا أيَّ شيءٍ آخر، غيرَ التحدُّثِ أمام الجُمهور، لكن الفرصَ التي يَخْلُقَهَا الحديثُ في الأماكنِ العامة، تجعلُ الأمرَ يستحقُ العناء. إنّ إلقاءَ الخُطبِ والتحدثَ أمام الجمهورِ، مَهارةٌ ممكنٌ تعلُّمُها وتطويرها. إليانور روزفلت ووارن بافيت مِثالانِ على أُناسٍ تجاوزوا مخاوفَهُم من التحدثِ أمام الجمهور، وشاركوا أفكارَهُم مع العالم.
الخطوةُ الأولى في أن تُصبِحَ مُقدّمًا أفضل، هي: كُنْ نَفْسَك. إذا كُنْتَ عَالِمًا، فكن عالمًا. إذا كنت طبيبًا، كُن طبيبًا. لا يمكنك التوقفُ عن أن تكونَ من أنت، إذا كنت ترغبُ في التواصلِ بشكلٍ صادق. إن العَرْضَ التقديميَّ الذي يُشبهُ المحادثةَ الصريحة أفضلُ كثيرًا. إذا كنت تعرفُ كيفيةَ التحدثِ إلى مجموعةٍ من الأصدقاء، فأنتَ تعلمُ ما تحتاجُ إليه للتحدُّثِ في الأماكن العامة.
أهمُّ شيءٍ في الحديثِ، هو أن يكونَ لديكَ رِسالةٌ واضحةٌ، وأن تجعلَ مُستمعيكَ يَفهمونها. هذه الرسالة هي فِكْرَتُك.
وجودُ فِكرةٍ هي أمرٌ كافٍ لتبدأ، ثم بعد ذلك، يمكن أن تتوسعَ أثناءَ التحضير. عند التحدثِ، ابدأ بالحديثِ عن الأشياءِ التي تشتركُ فيها مع الناسِ، وتوسّع في الحديث هُناك.
يوجدُ أيضًا، بعضُ القضايا الرئيسيةِ التي يجبُ أنْ تضعَهَا في اعتبارك. تذكّرْ أنك هناك لإعطاء شيءٍ لجمهورك، وليس لتلَقِي شيءٍ منهم، لذا لا تستخدمْ مُحاضراتِك أبدًا كمَبِيِعَات. ابنِ لك سُمعةً كشخصٍ كريم، وليس كشخصٍ يسعى فقط لتعزيز الذات.
تذكر أيضًا، أن تفاصيلَ عملِكَ مُهمةٌ لك وليس للآخرين. ركّزْ فقط على المعلومات التي يريدُ الناسُ سَمَاعَهَا. ومن المُهمِ أيضًا أن تكونَ حريصًا على عدمِ تقليدِ مُتحدثينَ مشهورينَ آخرين. بهذا لن تنجح. كُن نفسك وتجنّبِ القوالب.
اَنشيء هيكلًا لحديِثِكَ، واتْبَعْ جدولًا زمنيًا
هناك أسلوبٌ مفيدٌ يُستخدمُ لتحليلِ المسرحياتِ والرُواياتِ، وينطبِقُ أيضًا على المُحاضراتِ والخُطب. إنه الجدولُ الزمني. الموضوعُ الذي يُوحّدُ كلّ عُنصرٍ من عناصرِ السرد. الجدولُ الزمنيُّ هو جزءٌ أساسيٌ من أيِّ حديثٍ جيّد، وهو ما سيضمنُ التماسُكَ بين أجزاءَ خِطَابِك.
عند إنشائك لجدولٍ زمني، خَصّصْ 18 دقيقة فقط للتحدُّث.
بمجرد قيامِكَ بتطويرِ جدولِكَ الزمني، فأنتَ مُستعدٌ لإنشاءِ هيكلٍ لحديثك. هناكَ العديدُ من الخَياراتِ للهياكل. تتمثلُ الطريقةُ البسيطةُ في اتِّبَاعِ مُقدمةٍ وسِياق، ثم مفاهيمَ ونتائجَ رئيسيةٍ، ثم خاتمة.
أسلوبٌ آخر يمكنُكَ اتباعَهُ، هو الإجابةُ على سِلسلةٍ من الأسئلة، مثلِ "ماذا؟ والآن؟ وماذا بعد؟"
اعرف طبيعةَ جُمهورك. تأكد من أنّ ما تتحدثُ عنه مرتبطٌ بمستمعيك. وعند التحدُّثِ، التزمْ بجدولِكَ الزمني، ووضِّحْ كلّ نُقطةٍ بأمثلةٍ وقِصصٍ وحقائق.
عندَ عرضِ المشاكل، تجنّب التحدثَ كما لو كانت هناك مشكلة، ولكن صِغْ حديثَك كأنّكَ تُفكرُ في الحل. من الأسهل جذبُ انتباهِ الجمهورِ من خلالِ التركيزِ على الحديثِ، مُحاولًا حلَّ مشكلةٍ مُثيرةٍ للاهتمام، بدلاً من مُطالبَتِهِم هُمْ بالحل.
أيضًا، من النصائحِ المفيدةِ جِدًا، أن تتحدثَ دائمًا كما لو كان هناك شخصٌ واحد فقط يستمع.
استخدامُ أدواتِ التواصلِ لجذبِ انتباهِ الجمهور
إنَّ كلّ فردٍ من الجمهور، لديه أداة تقلل من التركيز، وأقصد هنا بالتحديد - الهاتِفَ الخُلوي - ولذا، فإنّ بناء تواصلٍ فعّال مع الجمهور من البداية، سيساعِدُكَ على الحفاظِ على انتباه هذا الجمهور. قبل أن تبدأ حديثك، ركِّزْ على مدى رغبَتِكَ في مشاركة شغَفِك. أفضلُ طريقة للبَدءِ، هي الاتصال بالعين، تليها ابتسامة صادقة.
أيضًا، يمكن للضَحِكِ أنْ يُوحّدَ غرفةً مليئة بالغرباء. الجمهورُ الذي يضحكُ معك، سوف يُحبُّكَ بسرعة، وإذا أحبك الجمهور، فمِن المُرجّحِ أن يأخذَ كلّ ما تقولُه بجدية. ومع ذلك، إذا لم تكن الفُكَاهةُ هي نقطةُ قوتك، فقد يكون من الأفضل التمسُّكُ بما تعرِفُ كيف تفعلُه.
الضَعْفُ أيضًا أداةَ تواصلٍ قوية. إن قَبُولَ أخطائِكَ ومشاركةَ الشعورِ بعدم الأمان، سيُشْرِكُ جمهورَكَ معك على المستوى الشخصي.
احترس من تداخُلِ الأنا مع قدرتِكَ على التواصل مع المستمعين. على المسرح، اترُكِ الأنا جانبًا، واستخدم الاستنكارَ الذاتي بعِنايةٍ لجذب جمهورَك، وإذا لم تكن متأكدًا من تداخُلِ الأنا مع خِطابِك، قدّمْ نفسَكَ لشخصٍ تَثِقُ به، واطلب منه التقييم.
تجنّبْ الحديثَ عن السياسة بأي ثمن. السياسةُ تولّدُ الانقسامات، وأنتَ تريدُ أنْ يكونَ جُمهُورَكَ مُتحدًا.
أخيرًا، يُعدُ سردُ القِصصِ أداةً رائعة للتواصلِ مع جمهورك. على عكسِ التفسيراتِ الصعبةِ والحُجَجِ المُعقدة، يتعاطفُ الجميعُ مع القِصص. القصصُ لديها بِنْيَةٌ خَطِيّةٌ بسيطة، مما يجعلُ من السهلِ عليك، أن تأخُذَ المستمعينَ مَعَكَ في رحلة.
لتحكي قصةً جيدة، قُمْ بإنشاءِ شخصيةٍ يتعاطَفُ جمهورك معها. ابنِ التوتُّرَ باستخدامِ التحدياتِ والصراعات، ولكن احرصْ على ألا تضيعَ بالاستغراق في التفاصيل. أيضًا، احرص على عدمِ سردِ القِصص الشخصيةِ، التي لا تُمثلُ شيئًا لجمهورِك. تحتاجُ القِصةُ أن تكونَ لها عَلاقةٌ بجدولك الزمني.
الأفكارُ الجديدةُ وقيادةُ المستمعِ في رحلةِ المعرفة
إذا كان جوهرُ حديثِكَ هو شرحًا لفكرةٍ جديدة، فمن المهم أن تسألَ نفسك: ما الذي تعتقد أنّ جمهورَك يعرفُهُ بالفعل؟ ما هي المفاهيمُ التي تحتاج لشرحها قبل فكرَتِك؟
يُعَدُّ شرحُ موضوعٍ مُعقدٍ بسُهُولةٍ لجمهورِك، مَهَارةً مهمة. هناكَ بعضُ العناصرِ الأساسيةِ لتحقيقِ ذلك. حفّز جمهورَكَ على الفُضول، وقدّم مفهومًا واحدًا في كل مرة، بَدءًا من المفهوم المعروف السهل.
استخدم الاستعاراتِ كأداةٍ لتسهيل الفَهْم. الأمثلةُ أيضًا طريقةٌ ممتازةٌ لشرح المفاهيم الصعبة.
العمليةُ هي نفسُها دائمًا: ابدأ بما يعرِفُهُ الجمهورُ بالفعل، وابنِ الباقي، قطعة قطعة. وتذكر دائمًا، أن الشعورَ بعدمِ فَهمِ شيءٍ ما، قد يكونُ أيضًا شُعُورَ جمهورِك. لذا، قبل البَدء، احصل على أكبر قدرٍ ممكنٍ من الملاحظات من الأصدقاء. اسألهم أسئلة محددة: هل هذا منطقي؟ هل كانت مُربكة؟ . تأكد من أنك لا تستخدم كلماتٍ معقدةً لا يفهمُها جمهورُك، وسوف تقودُ المستمعَ في رحلةِ المعرفة.
أدواتُ الإقناعِ واكتسابُ وِجْهاتِ نظرٍ جديدة
الإقناعُ هو القدرةُ على إظهارِ وجهةِ نظرٍ جديدةٍ لشخصٍ ما. إنها أداةٌ قوية، ويجبُ على المُتحدثِ الناجحِ إتقانَها.
في كثيرٍ من الأحيان، ينطوي الإقناعُ على خُطْواتٍ منطقيةٍ للوصولِ إلى النتيجة المرجُّوة. هناك طريقةٌ أخرى تتمثلُ في إظهارِ أنّ اتِبَاعَ المسارِ المُعاكس، ليس منطقيًا.
يمكنك تضمينُ العديدِ من الاستراتيجياتِ في خِطَابك المُقْنِع. الفُكاهةُ هي أداةٌ ممتازةٌ لإشراكِ الجُمْهُور. الحِكاياتُ والقِصصُ الشخصية، ستوضحُ سببَ أهميةِ الموضوع. إعطاءُ أمثلةٍ حيةٍ سيدعمُ الاستنتاجات. الإحصائياتُ والحقائقُ ستشيرُ إلى أن الخبراءَ يدعمون أيضًا وجهة نظرك.
أحيانًا، التفكيرُ يتطلبُ بعضَ الوقت، لذا تعاملْ مع جمهورِكَ بصبر. حتى لو لم يقبلِ الجميعُ حُجّتَكَ على الفور، تدريجياً الحقيقةُ ستنتصر.
إذا تمتْ دعوةُ أحدٍ للذهابِ في رحلةٍ مع حالِمٍ مُلهم، فلا يمكن رفضُ هذه الدعوة
الإلهامُ هو عملٌ يُقدمُ للجمهور فكرةً جديدة. للقيامِ به، يمكنُ للعروضِ التوضيحيةِ اتباعَ هيكلٍ، يبدأُ بعينةٍ صغيرةٍ، ثم يعطي المعلوماتِ التي سيحتاجُ الجمهورُ إلى فَهْمِها. أخيرًا، يختتِمُ مُقدمُ العرضِ شرحَ كيفيةِ تأثيرِ هذه المعلوماتِ على حياةِ الجمهور.
امنح مستمعِيِكَ مكانًا في رحلتك. ولجعلهم يشتركون معك، اكشِفْ سلسلةً من الصورِ واللحظات. هذه الصورُ يجبُ أن تُدْهِشَهُم. استخدمْ شغفَكَ ولغتَكَ لعرضِ حُلْمِكَ بطريقةٍ، تقودُ الجمهورَ إلى التعاطف مع قضيتك.
أيضًا، تقُاسُمُ الحُلمِ هو مثالٌ لتحقيق ذلك. يتَشارِكُ المتحدثون الناجحون صورةً للعالمِ كما يمكن أن تكون، لذا عند مشاركةِ أحلامِك، تأكد من رسمِ شكلٍ جريءٍ للمستقبَلِ البديلِ الذي تريده، وقم بذلك بطريقةٍ تدفعُ الآخرين إلى الرغبةِ في أن يتواجدوا بذلك المستقبل.
كُن واضحًا فيما يتعلقُ بأهمية حُلمِك. تَبَادلِ الأفكارَ التي تركزُ على القيمِ الإنسانية، وليس فقط التقنيّاتِ المُبتكرة
استخدمْ المؤثراتِ البصريةَ بِحَذَر
إنّ جذبَ انتباهِ جُمهورِكَ، أمرٌ مُهم ولا يمكن تجاهُلَه، لذا، اتّبِعْ عمليةَ تحضيرٍ دقيقة، لضمان أن تَسْتَغِلَ كُلَّ فُرصةٍ لجذبِ الانتباه.
غالبًا ما تكون العناصرُ المرئيةُ الجيدةُ، قادرة على الكشف عن فكرتك وشرحِهَا. تُظْهِرُ العناصرُ المرئيةُ في بعضِ الأحيان، أشياءَ قد يَصعُبُ شرحُهَا. اخترْ شرائِحِكَ وأمثلتِك بعناية. إن الشريحةَ التي تُكرّرُ ما تقولُه، أو تتوقعُ ما ستقولُهُ بعد ذلك، ستولِّدُ محاضرةً فوضويّة، فالغرضُ من أي تأثيرٍ مرئي، هو إظهارُ ما لا يمكِنُكَ مشاركتَهُ بالكلمات.
إذا كان هناك العديدُ من المفاهيم، يمكنُكَ ربطُها باستخدامِ شريحةٍ لكل فكرة. ذلك أكثرَ فعّاليّةٍ من مجردِ شريحةٍ واحدةٍ مُعقدةٍ لكل الأفكارِ، تحتاجُ إلى تفسيرات طويلة.
عند استخدامِ بَرنامجِ العرضِ التقديمي، تجنّبِ القوالبَ الجاهزة. استخدِم خطًا واحدًا فقط بحجم لا يقلُ عن 24. تأكد من إتاحةِ الوقتِ للجمهورِ بين كلِّ نَقرةٍ ونقرة، لاستيعابِ ما تعرِضُه. تأكد من تحميلِ نسخةٍ احتياطيةٍ من العرضِ التقديمي الخاص بك، على مُحرّكِ أقراص خارجي، وقم بإجراء اختبارٍ تقنِّيٍ للتأكُدِ من أنّ كلَّ جانبٍ من جوانبِ حديثِكَ، يعمل في الوقت المناسب ودون أي مشاكل
أنجحْ مُحادثات تيد هي نتيجةً لتجارِبَ لا تنتهي
تذكر أنه من المُهم للمُتكلم، أن يكون مُرتاحًا وواثقًا، لإلقاء الحديثِ بأفضلِ طريقةٍ ممكنة. يمكنك -بصورةٍ مُسبقة- كتابةُ كلِّ الحديثِ أو العناوينَ الرئيسية، هذا سيساعدك أيضًا، على التأكُدِ من أن طريقتَكَ ستُجرى وَفقَ وقتِكَ المُتاح.
عليك التدريبُ بما يكفي لتكون قادرًا على التحدُّثِ بطريقةٍ غيرِ مُفتعَلَة. إذا تمرّنتَ كثيرًا، فستتمكنُ من إلقاء خِطابِكَ بكفاءة. تدرّب في أماكنَ كثيرة، في أوقاتٍ مُختلفة، وخُذ تعليقاتٍ من مجموعةٍ مُتنوعةٍ من الأشخاص. أيضًا، يمكنك تسجيلُ محادثتِكَ والاستماعُ إليها لاحقًا.
قد يكونُ بَدءُ عرْضِك التقديمي وإنهاؤه أمرًا صعبًا. يوصي أندرسون بتخطي الثناءِ والشُكر. بدلاً من ذلك، ادخُلْ في الموضوع مباشرةً بعد صعودِكَ على المسرح. هناك أربعُ طُرقٍ لجذبِ انتباهِ الجُمهور على الفور: استخدِمْ بيانًا يُثيرُ الفضول، أو اِظْهِر صورةً مُقنِعَة، أو أسألهم سؤالًا مُثيرًا للاهتمام، أو ابدأ بقصةٍ قصيرةٍ مثيرة. هذه الأشياءُ ستجعلُ جمهورُك ينتظرُ كلماتِكَ التالية.
عندَ الانتهاءِ من العرضِ التقديمي، تجنّبَ الانتهاءَ دون أي كلمةٍ خِتامية، وتجنّبَ القيامَ بأشياءَ مثلَ الشكوى من أن الوقتَ كان قصيرًا، أو حتى طلبَ التبرعات لحملة. بدلاً من ذلك، يمكنك التواصلُ مع جمهورِكَ لاتخاذ إجراء، أو الالتزامُ بخطْوَاتٍ قادمة، أو محاولةُ ربطِ الخاتِمةِ ببدايةِ حديثك.
جميع المقالات حصرياً علي موقع مجلتي