حقيقة طائر الرخ العملاق
الرخ هو الطائر الكبير الذي انقرض في القرن السابع عشر وكان من فصيلة العقبان الكبيرة، وقد عثر على بيضه في جزيرة مدغشقر (قرب قارة إفريقيا شرقاً في المحيط الهندي) وكان حجم البيضة بحدود (30سم) طولاً هذا ما جاء في معجم الحيوان للمرحوم أمين المعلوف، 1981م، دار الرائد، بيروت. وأخبار هذا الطائر العملاق كثيرة في المؤلفات العربية وهي متواترة، ويظن انه بقي إلى زمن العالم العربي داود الأنطاكي (المتوفى 1005ﻫ) وقد وصفه كما يأتي قال: رخ طائر منه ما يقارب حجم الجمل وارفع منه وعنقه طويل شديد البياض مطوق بصفرة. وفي بطنه ورجليه خطوط غبر. وليس في الطيور أعظم منه جثة. وهو هندي يأوي جبال سرنديب وبرّ ملقه. يقال: انه يقصد المراكب فيغرق أهلها. ويبيض في البر فتوجد بيضته كالقبة. وتجد كلاماً عن الرخ في عجائب الهند وألف ليلة وليلة ورحلة ابن بطوطة وتحفة الدهر للدمشقي وابن سيدة وغيرهم. وذكر الدمشقي انه كان يؤتى بريشه إلى عدن.
وهذا الطائر لم يعد له وجود الآن وقد أضفى عليه القدماء كثيراً من الصفات الخرافية.
وذكره أيضاً الشيخ كمال الدين محمد بن موسى الدميري المتوفى (808ﻫ/1405م) في كتابه حياة الحيوان الكبرى حيث بالغ في وصفه عندما اعتبر ان طول جناحه الواحد عشرة آلاف باع (أي عشرين كيلومتراً). وكذلك ما ذكره من بيضته التي يصل قطرها إلى خمسين متراً. اما أصل ريشة الطائر فقد ذكر أنها تسع قربة ماء، وهي دلالة حقيقية على عظم حجم الريشة وبالتالي عظم الجناح ثم عظم الطائر واصل الريشة له وجود حقيقي وكانت بحوزة احد التجار الرحالة من المغرب وأجريت عليها تجارب كثيرة ووجد أنها تسع قربة ماء كاملة.
يقول د.علي السكري من جامعة القاهرة بمصر: نحن أمام طائر عملاق حقيقي كان موجوداً في جزر بحار الصين والهند في العصور الوسطى ولم يعد له وجود الآن. وقد بالغ الأقدمون كثيراً في وصف حجمه وقدرته كما بالغو في وصف بيضه وأفراخه (حتى انشقت البيضة عن فرخ كأنه جبل) ويعزى إلى لحمه انه يزيل الشيب ويرجع الشباب. هذا الطائر يدخل ضمن مجموعة الحيوانات الغريبة الضخمة التي عاشت على وجه الأرض فترة من الوقت إلى ان زامنت بوجودها وجود الإنسان حتى العصور الوسطى ثم تعرضت للانقراض.
وفيما يلي وصف لهذا الطائر ورد في احد كتب الرحالة العرب المهمين والمشهورين هو ابن بطوطة (المتوفى 779ﻫ/1377م) الذي قال عنه: ولما كان اليوم الثالث والأربعين ظهر لنا بعد طلوع الفجر جبل في البحر بيننا وبينه نحو عشرين ميلاً، والريح تحملنا إلى صوبه، فعجب البحارة وقالوا: لسنا بقرب البر ولا يعهد في البحر جبل وان اضطرتنا الريح إليه هلكنا. فلجأ الناس إلى التضرع والإخلاص وجددوا التوبة وابتهلنا إلى الله بالدعاء وتوسلنا بنبيه (صلى الله عليه وسلم)، ونذر التجار الصدقات الكثيرة وكتبتها لهم في زمام بخطي، وسكنت الريح بعض سكون. ثم رأينا ذلك الجبل عند طلوع الشمس قد ارتفع في الهواء وظهر الضوء فيما بينه وبين البحر ... ان الذي تخيلناه جبلاً هو الرخ وان رآنا أهلكنا ...
ووصف ابن بطوطة لهذا الطائر العملاق يؤشر انه ضخم بما يؤدي الى حجب ضوء الشمس لان لونه داكن وغالباً اسود اللون فلما ارتفع في الهواء أي ابتدأ الطيران ظهر الضوء مرة أخرى. ولضخامته هذه تخيلوه جبلاً رغم ان المسافة الفاصلة بينهما نحو عشرين ميلا.
وبعد تمحيص الكثير من المؤلفات العربية القديمة التي ذكرت ووصفت هذا الطائر الضخم تتوضح لنا أمور حقيقية عنه حفلت بالكثير من المبالغات حوله والقصص.
بعض العلماء يؤكدون ان الرخ طائر عملاق كان له وجود حقيقي وان بالغ الأقدمون كثير في وصفه. هذا الطائر كان يعيش في جزر وبحار ومحيطات الهند والصين، وهو ضخم الجناحين كبير الريش لونه داكن يميل إلى السواد، بيضه كبير وأفراخه كبيرة كذلك، وهو طائر قوي مفترس، لحمه يبعث الحيوية في جسم الانسان.
وكان هذا الطائر يعيش بمناطق نائية مهجورة فسيحة بربع الكرة الأرضية (الجنوبي الشرقي) حيث كانت هذه المناطق خالية من العمران ومن العوائق الطبيعية وبالتالي تشكل مجالاً ملائماً لحركة وطيران هذا الطائر العملاق. كذلك فان هذه البحار كانت تمد الطائر بغذاء وافر من الأسماك والحيوانات البحرية الأخرى وتشارك الجزر الكبيرة في هذه البحار بمده بأنواع أخرى من الغذاء الأرضي الكثير. والدراسات العلمية المعاصرة حول هذه الطيور العملاقة كالرخ وغيره تشير إلى ان بعض أنواعها ظل باقياً حتى الزمن الحديث أي عاصرت الوجود التاريخي للإنسان.
والرخ نوع من المخلوقات المثيرة مثل الزواحف الضخمة والديناصورات البرية والطيور العملاقة التي ظهرت على سطح الأرض وخلال أحقاب الزمن الجيولوجي. ويظن العديد من علماء الأحياء ان معظم هذه الكائنات الضخمة انقرضت لعدم ملائمتها للبيئة.
لذا فانه لا يمكن ان نطلق على هذا الطائر المحير للألباب كلمة أو مصطلح خرافي لان العلم وحده الكفيل بإماطة اللثام بشكل واضح وشفاف عن وجود طائر الرخ وان أحيطت بيولوجيته وتاريخه الطبيعي بشيء من المبالغة المفرطة أحياناً.